جدل داخل المنظومة السياسية في إسرائيل حول خطاب لابيد المرتقب في الأمم المتحدة
ذكرت تقارير عبرية، مساء الأربعاء، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد سيعلن خلال خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة عن دعمه إقامة دولة فلسطينية.
ومن المقرر أن يلقي لابيد، يوم الخميس، لأول مرة خطابا أمام الدورة الـ77 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، وفق إذاعة الجيش الإسرائيلي (غالي تساهال).
ونقلت الإذاعة عن مصادر مقربة من لابيد لم تسمها، إنه من المتوقع أن يقول رئيس الوزراء الإسرائيلي في خطابه أن “إسرائيل يجب أن تذهب إلى حل الدولتين”.
وستكون هذه هي المرة الأولى منذ سنوات عديدة التي يتحدث فيها رئيس وزراء إسرائيلي من على منبر الأمم المتحدة عن حل الدولتين، خاصة في خضم حملة انتخابية، وفق المصدر ذاته.
ومن المقرر أن تشهد إسرائيل مطلع نوفمبر/تشرين الثاني المقبل انتخابات برلمانية هي الخامسة خلال أقبل من 4 سنوات.
مع ذلك، ليس من المتوقع أن يلتقي لابيد الرئيس الفلسطيني محمود عباس الموجود أيضًا في نيويورك، بحسب المصدر ذاته.
في السياق ذاته، قالت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، نقلا عن مصدر مقرب من لابيد (لم تسمه) إن رئيس الوزراء سيؤكد أيضا خلال خطابه بالأمم المتحدة “على المخاطر التي تنطوي عليها إقامة دولة فلسطينية، وأن إسرائيل لن تفعل أي شيء من شأنه أن يعرض أمنها للخطر، وأن فك الارتباط عن الفلسطينيين يجب أن يكون جزءا من رؤية سياسية”.
وذكرت صحيفة “هآرتس” العبرية، أنّه “يُتوقَّع أن يعلن لابيد الخميس، في خطابه في الأمم المتحدة، دعمه لتعزيز حل الدولتين”، فيما أفاد موقع “واللا” بأنّ لابيد سيعلن دعمه “لإقامة دولة فلسطينية”، بما “يخضع للترتيبات الأمنية اللازمة لإسرائيل”.
وقالت مصادر مقربة من لابيد، اليوم، إنه “منذ سنوات عديدة، لم يقل رئيس حكومة إسرائيلي ذلك، على خشبة مسرح الأمم المتحدة”. وبحسبهم، سيشير لابيد في خطابه إلى المخاطر التي تنطوي عليها هذه الخطوة، لكنه سيشدّد على “عدم تعريض أمن إسرائيل للخطر بمقدار ملليمتر”.
كما أورد “واللا” أن المصادر قالت: “في خطابه، سيتحدث لابيد عن حقيقة أن إسرائيل بحاجة للذهاب إلى حل الدولتين… لكن لابيد سيؤكد أنه لن يتم عمل أي شيء يعرّض أمن إسرائيل للخطر”.
وأضافت المصادر أن لابيد سيؤكد أنّ “الانفصال عن الفلسطينيين يجب أن يكون جزءا من الرؤية السياسية لإسرائيل”.
ووفق “هآرتس”، يعتزم لابيد مخاطبة دول الشرق الأوسط، ودعوتها للانضمام إلى الدول التي وقعت على “اتفاقيات أبراهام” التطبيعية بين دول عربية وإسرائيل.
ولفت “واللا”، نقلا عن مسؤول سياسي إسرائيليّ، إلى أن لابيد قرر أن يقدم على هذه الخطوة قبل الانتخابات، لأن “جزءا من الإنصاف السياسي، هو قول ما تؤمن به، وإلى أين يجب أن تتجه البلاد”، على حدّ تعبيره.
كما ذكرت المصادر المقربة من لابيد، أنه سيقول في خطابه إن إسرائيل لن تسمح لإيران بأن تصبح دولة نووية، مضيفة: “إذا لزم الأمر، سنتصرف بأنفسنا، وتم الاتفاق مع الولايات المتحدة” بشأن ذلك.
وسيشير لابيد إلى أن العالم يحتاج إلى تقديم بديل للاتفاق النووي. وفي هذا الصدد قالت المصادر: “نحتاج إلى اتفاق أفضل، وأن نبني على وضع تهديد عسكري حقيقي على الطاولة”، إزاء طهران.
وذكر موقع “واللا”، أن “هذه ستكون المرة الأولى التي يعبّر فيها لابيد عن دعمه لحل الدولتين كرئيس للحكومة”، مضيفا: “وستكون هذه أيضًا، المرة الأولى التي يعرب فيها رئيس حكومة إسرائيلي عن دعمه لحل الدولتين منذ عام 2017”.
ونقل “واللا” عن مصدر سياسي أن لبيد لا يخطط في هذه المرحلة، للقاء الرئيس الفلسطينيّ، محمود عباس، ولا يرى أن المفاوضات مع الفلسطينيين ستُستأنف في المدى القريب.
وأضاف المصدر ذاته، أنه “لو كان لابيد يعتقد أن الاجتماع مع أبو مازن سيكون فعالا، لكان قد فعل ذلك، فهذا ليس هو الحال”.
وقال إن “المؤسسة الأمنية (الإسرائيلية) تتحدث مع الفلسطينيين في كل وقت”، مشيرا إلى أن “التنسيق الأمني في حالة جيدة… وليست هناك حاجة عملية للتحدث مع أبو مازن”.
في السياق، أوردت “هآرتس” نقلا عن مصدر مقرب من لابيد كذلك، أن رئيس الحكومة الإسرائيلية، “طلب في لقائه مع الملك الأردني عبد الله (الثاني)، أن يمارس الأردن ضغوطا على رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، لبذل المزيد في جنين ونابلس”، وعدم الاكتفاء “بالاعتقاد بأنهم (السلطة الفلسطينية) يمكنها العمل في رام الله، لكن مع إهمال جنين”.
وأشعلت التقارير حول خطاب لابيد المرتقب جدلا واسعا داخل المنظومة السياسية في إسرائيل.
وفي هذا السياق، قال وزير العدل جدعون ساعر: “غالبية الشعب في إسرائيل وممثليهم لن يسمحوا بحدوث ذلك (إقامة دولة فلسطينية)”.
وأضاف مغردا: “رئيس الوزراء في الحكومة الانتقالية لابيد ليس لديه شرعية عامة لتوريط إسرائيل بتصريحات من شأنها إلحاق الضرر بالبلاد”.
فيما أفاد بتسلإيل سموتريش، رئيس حزب “الصهيونية الدينية”: “بعد سنوات نجح فيها اليمين اليميني في إزالة حماقة الدولة الفلسطينية من جدول الأعمال وجعل (الرئيس الفلسطيني) أبو مازن شخصية غير ذات صلة في العالم، يقود لابيد عملية خطيرة تعيد هذه الفكرة المنحرفة إلى الطاولة”.
واعتبر في تغريدة، أن “لابيد يستدعي ضغوطا دولية للترويج لخطوة لا تقل عن انتحار دولة اسرائيل”.
في المقابل، أعربت زهافا جالون، رئيسة حزب “ميرتس” (يسار) في تغريدة، عن ترحيبها بالخطاب المرتقب للابيد، وقالت: “الملايين من الإسرائيليين والفلسطينيين ينتظرون أفقاً سياسياً يضع حداً لدوامة إراقة الدماء”.
ودعت لابيد، إلى أن “يخطو خطوة إلى الأمام، ويلتقي بأبو مازن في جمعية الأمم المتحدة”.
وتوقفت مفاوضات السلام الفلسطينية الإسرائيلية منذ أبريل/ نيسان 2014، بما في ذلك على خلفية تملص تل أبيب من خيار حل الدولتين ورفضها وقف الاستيطان.